التخطى الى المحتوى الأساسى
Background Image

مقدمة إلى التوجيه

·8 دقائق قراءة· loading · loading · ·
حسـن الرحـمـون
الكاتب
حسـن الرحـمـون
I’m only human
الفهرست
مدخل إلى التوجيه - هذا المقال جزء من سلسلة.
جزء 1: هذه المقالة

تخيل بعد عناء شهور من العمل والضغط النفسي الملازم للمشاريع الكثيرة، قد حصلت على إجازة بضعة أيام مكافأة لجهودك.

قررت على عجل السفر إلى الريف لتنعم ببعض الراحة وتعود إلى ذكريات الطفولة. قدت سيارتك حتى خرجت من المدينة ووصلت مشارف القرية، لكنك غريب عنها. ولولا دعوة صديقك لما كنت لتذهب، فرهاب الضياع لازمك منذ صغرك أثناء رحلة عائلية انتهت بضياعك ليوم كامل إلا أن صغر القرية وبعض لافتات الطرق البسيطة كانتا سببين كافيين لعثورك على منزل صديقك دون مواجهة مشاكل

في اليوم التالي اقترح عليك صديقك النزول إلى المدينة. وأثناء تجوالكما بين شوارعها المزدحمة وزواياها المتشابكة، وجدت نفسك تائهًا. لم تُرهق نفسك بالبحث عن قارمات الطرق، بل فتحت خريطة الهاتف لتدلّك فورًا على أقصر طريق. فالمرونة في اختيار الحل الأسرع هي ما يجعلك تصل بأمان. وهذا بالضبط ما يحدث في الشبكات: التوجيه هو الخريطة التي تساعد البيانات على الوصول إلى مقصدها عبر أفضل طريق ممكن.

في هذا المقال سنتعرف على الغرض من التوجيه في الشبكات، أنواعه، أسباب تنوعه، وأشياء أخرى سنكتشفها خطوة خطوة.

ما هو التوجيه؟
#

لا يخلو منزل اليوم من جهاز ذكي، سواء كان هاتفًا أو حاسوبًا أو حتى ثلاجة. جميعها تتصل فيما بينها مشكّلة ما يعرف بـ الشبكة المحلية (Local Area Network). وعند ارتباط هذه الشبكات ببعضها ينشأ لدينا العملاق الذي نستخدمه يوميًا: شبكة الإنترنت.

وكما يحتاج البشر إلى خريطة أو إرشادات للوصول من مكان إلى آخر، تحتاج البيانات أيضًا إلى معرفة أفضل المسارات حتى تعبر من شبكة إلى أخرى. فالاتصال وحده لا يكفي لضمان وصول البيانات إلى مقصدها الصحيح.

هنا يظهر دور التوجيه (Routing): العملية التي تُمكّن البيانات من اختيار الطريق الأمثل بين العديد من المسارات المحتملة. ويتولى هذه المهمة جهاز الموجّه (Router) الذي يعمل ضمن الطبقة الثالثة (طبقة الشبكة) في نموذج OSI Model.

هنالك نوعان من التوجيه، الثابت و الديناميكي

التوجيه الثابت Static Routing
#

هنا يقوم المسؤول عن الشبكة بإخبار الموجه يدويا بالمسار الذي يحب أن تتخذه البيانات للوصول إلى وجهتها، أي أن كل مسار يتم إضافته إلى جدول التوجيه يكون من خلال مسؤول الشبكة، ولا يتغير إلا إذا قام المسؤول بتعديله أو حذفه

مميزات التوجيه الثابت
#

  • البساطة: سهل الإعداد و الفهم، ملائم للشبكات الصغيرة
  • التحكم: مسؤول الشبكة يحدد بالضبط أي مسار يجب استخدامه، مما يمنحه دقة عالية
  • الكفاءة: لا يحتاج لتبادل المعلومات بين أجهزة التوجيه كباقي البروتوكولات، و بالتالي لا يؤثر على موارد الشبكة

عيوب التوجيه الثابت
#

  • صعوبة الإدارة: يصبح مرهقا استخدامه إذا ما كانت الشبكة كبيرة أو تتغير باستمرار
  • عدم التكيف: إذا تعطل رابط أو تغير مسار ما، فلن يتم التوجيه حتى يقوم المسؤول عن الشبكة بالتعديل حسبما طرئ التغيير
  • قابلية الخطأ: مع كثرة المسارات المدخلة يدويا ترتفع نسبة الخطأ (الخطأ يكون من قبل مسؤول الشبكة أثناء الإعداد)

مثال عملي
#

رسم يوضح الشبكتين
مخطط يوضح الاتصال بين شبكتين محليتين عبر موجهين

تخيل أن لديك شبكتان محليتان مربوطتان بجهازي توجيه، لكي تستطيع هذه الشبكات التواصل وتبادل البيانات فيما بينها، فيجب إدخال المسار المطلوب لكل جهاز توجيه على حدة، قد يبدو الأمر سهلا لكن ما إن تكبر الشبكة حتى يصبح الأمر عبارة عن صداع و الكثير من الأخطاء المحتملة

لذلك يعتبر التوجيه الثابت مناسبا للشبكات الصغيرة و التي لا يطرأ عليها تغيير بكثرة، وغير مناسبا للشبكات الكبيرة و المحدثة باستمرار.

طريقة التفعيل
#

تفعيل التوجيه الثابت سهل جدا و لا يحتاج إلا لأمر واحد يحتوي على الشبكة المراد الوصول إليها بالإضافة إلى الوجهة التي ستسلكها البيانات

سنطبق على الشبكة التي ذكرناها في مثالنا السابق، حتى لا نتوه في كثرة الأمثلة

بداية سنخبر الموجه (R1) بأنه إن استلم بيانات تريد الوصول للشبكة ذات العنوان 192.168.2.0 فيجب عليه توجيه البيانات إلى المسار المتصل بـ 10.0.0.2

R1>en 
R1#conf t
R1(config)#ip route 192.168.2.0 255.255.255.0 10.0.0.2

هنا أيضا نقوم بنفس الشي، البيانات التي تريد الوصول إلى 192.168.1.0 يجب عليه توجيهها إلى المسار المتصل بـ 10.0.0.1

R2>en
R2#conf t
R2(config)#ip route 192.168.1.0 255.255.255.0 10.0.0.1

هذا كل مافي الأمر، الآن أصبح التوجيه الثابت يعمل على كلا الشبكتين وكلاهما قادر على إرسال و استلام البيانات من الشبكة الأخرى

فحص اتصال الشبكة
إرسال رسائل ping لفحص اتصال الشبكة

التوجيه الافتراضي و البوابة الافتراضية
#

عند محاولة أي جهاز في الشبكة إرسال بيانات إلى عنوان خارج شبكته المحلية، يحتاج إلى بوابة افتراضية (Default Gateway)، وهي غالبًا عنوان الراوتر داخل نفس الشبكة. هذه البوابة تستقبل كل الترافيك المجهول (غير المعروف وجهته) وتتكفّل بتوجيهه نحو الوجهة الصحيحة.

أما في أجهزة التوجيه نفسها، يتم استخدام ما يسمى بـ التوجيه الافتراضي (Default Route)، وهو ببساطة إدخال في جدول التوجيه يحدد الوجهة التالية (Next-Hop) لأي شبكة لا يعرف عنها الراوتر مسارًا محددًا. يُكتب عادة بالشكل:

[next-hop-ip] 0.0.0.0 0.0.0.0

بهذه الطريقة، بدلًا من إضافة مسار يدوي لكل شبكة خارجية، يكتفي الراوتر بمسار افتراضي واحد يضمن له الوصول إلى أي شبكة عبر الجهة المعرّفة.

أوامر إضافية
#

عمل مهندسي و مسؤولي الشبكات لا يقتصر على إعداد الأجهزة فحسب، بل هذه أسهل خطوة ما يجعلك متميزا هو قدرتك على اكتشاف المشاكل التي تحدث في الشبكة (وهي كثيرة) وحلها، لذلك يوجد العديد من الأوامر التي ينبغي معرفتها

فحص جدول التوجيه

عرض جدول التوجيه

show ip route

عرض جدول التوجيه

عرض ملخص جدول التوجيه

show ip route summary

عرض ملخص جدول التوجيه

فحص مسار محدد

show ip route [ip address]

فحص مسار محدد

التوجيه الثابت

إضافة مسار

ip route [destination-network-ip] [subnet-mask next-hop-ip]

حذف مسار

no ip route [destination-network-ip] [subnet-mask] [next-hop-ip]

فحص المنافذ و الإعدادات

عرض حالة المنافذ

show ip interface brief

عرض حالة المنافذ

عرض تفاصيل منفذ محدد

show interface gigabitEthernet 0/0

عرض تفاصيل منفذ محدد

التوجيه الديناميكي Dynamic Routing
#

يختلف التوجيه الديناميكي عن التوجيه الثابت بأنه لا يحتاج إلى تدخل يدوي لإضافة كل مسار، بل يعتمد على بروتوكولات خاصة تمكن أجهزة التوجيه من اكتشاف الشبكات الجديدة وتبادل المعلومات فيما بينها تلقائيًا، ومن ثم تحديث جداول التوجيه بشكل مستمر حسب التغييرات التي تطرأ على الشبكة

مميزاته
#

  • المرونة: يتكيف مع التغييرات التي تحصل للشبكة تلقائيا، كإضافة شبكة أو انقطاع مسار ما
  • قابلية التوسع: مناسب جدا للشبكات الكبيرة و المعقدة
  • توفير الوقت: يقلل من الجهد المبذول لإدارة الشبكة يدويا
  • الموثوقية: عند حدوث عطل في مسار ما، يستطيع الموجه اختيار مسار بديل إن وجد

عيوبه
#

  • استهلاك الموارد: يحتاج إلى CPU وذاكرة أعلى لكي يستطيع معالجة تحديثات الشبكة
  • الازدحام: تبادل المعلومات بين أجهزة التوجيه يستهلك جزء من Bandwidth الشبكة
  • التعقيد: أصعب في الفهم و الإدارة مقارنة بالتوجيه الثابت، خصوصا عند التعامل مع بروتوكولات متقدمة و شبكات كبيرة و معقدة

مثال عملي
#

تخيل لديك شركة كبيرة تضم عشرات الفروع، كل فرع يضاف أو يتغير يصاحبه عشرات التغيرات في المسارات، و لو أردنا استخدام التوجيه الثابت فسيكون الأمر كارثيا، مئات المسارات المطلوب إدخالها إلى كل جهاز توجيه، لكن مع التوجيه الديناميكي، تتبادل أجهزة التوجيه معلوماتها تلقائيا، فتحدث جداولها و تتكيف مع التغيرات بدون تدخل يدوي لو تعطل مسار ما في فرع معين، يقوم البروتوكول بإعادة توجيه البيانات عبر مسار بديل على الفور، وبذلك تكون الشبكة قد حققت استقرار واستدامة في عملها

والآن بعد أن تعرفنا على مفهوم التوجيه الديناميكي بشكل عام، ينبغي علينا أن نتعمق قليلا في فهم آلية عمله ومكوناته الأساسية، ثم نعرض المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها

أنواع البروتوكولات حسب الاستخدام
#

  • البروتوكولات الداخلية (Interior Gateway Protocols – IGP) وتُستَخدم لإدارة التوجيه داخل الشبكة الواحدة أو النظام المستقل (AS). من أمثلتها: RIP, EIGRP, OSPF, IS-IS.

النظام المستقل أو AS وهي اختصار لـ Autonomous System, وهي شبكة أو مجموعة شبكات تحت إدارة واحدة، شركات توزيع خدمة الانترنت كمثال (ISP)

  • البروتوكولات الخارجية (Exterior Gateway Protocols – EGP) وتُستَخدم للتوجيه بين أنظمة مستقلة (AS) مختلفة، وأشهر مثال عليها بروتوكول BGP الذي يعد العمود الفقري لشبكة الإنترنت. وخلافا لبروتوكولات التوجيه البقية كـ RIP و OSPF التي تختار أفضل مسار اعتمادا على معايير تقنية مثل عدد القفزات (Hops) أو حسب معدل تدفق البيانات (Bandwidth)

Bandwidth (معدل تدفق البيانات): هو السعة القصوى لقناة الاتصال أو المسار لنقل البيانات خلال فترة زمنية معينة. يُقاس عادةً بالبت في الثانية (bps)، ويعبّر عن الحد الأقصى لكمية البيانات التي يمكن أن تمر عبر الخط في آن واحد، دون الإشارة إلى سرعة الإرسال الفعلية التي قد تتأثر بعوامل أخرى مثل التأخير (Latency) أو فقدان الحزم (Packet Loss).

أنواع البروتوكولات حسب الخوارزمية
#

  • Distance Vector
    تعتمد على إرسال جداول التوجيه إلى الجيران بشكل دوري. كل موجّه يعرف فقط ما يخبره به جاره. مثال: RIP.

  • Link State كل موجّه ينشئ خريطة كاملة للشبكة عبر تبادل رسائل تصف حالة الوصلات (LSAs)، ويستخدم خوارزمية ديكسترا (Shortest Path First) لحساب الطريق الأمثل. مثال: OSPF و IS-IS.

  • Hybrid مزيج بين الطريقتين السابقتين، مثال: EIGRP.

الـ Metric (المقياس)
#

المقياس هو القيمة العددية التي يعتمدها البروتوكول للمفاضلة بين المسارات

  • RIP : يعتمد على عدد القفزات (hop count).

  • OSPF: يعتمد على الكلفة (cost)وغالباً تُحسب من خلال عرض الحزمة.

  • EIGRP: يستخدم معادلة مركّبة تعتمد على عرض الحزمة، التأخير، الموثوقية، وحجم الحمل.

  • BGP: يستخدم خصائص متعدّدة مثل طول مسار الأنظمة (AS-Path) والأولوية المحلية (Local Preference).

الـ ECMP
#

إذا وُجد أكثر من مسار لنفس الوجهة وبنفس المقياس، يمكن للموجّه استخدام جميع هذه المسارات بالتوازي لتوزيع الحمل (Load Balancing). هذه الميزة مدعومة في بروتوكولات مثل OSPF وEIGRP.

Load Balancing: تعني توزيع حمولة الشبكة على عدة خوادم أو مسارات للتحسين من أداء وخدمة الشبكة

الـ Administrative Distance (AD)
#

هي قيمة رقمية تحدّد أولوية بروتوكول التوجيه عندما تصل نفس الوجهة من مصادر مختلفة، و القيمة الأقل هي صاحبة الأولوية

البروتوكولقيمة ال AD
المنفذ المتصل0
التوجيه الثابت1
EIGRP5
BGP20
Internal EIGRP90
IGRP100
OSPF110
IS-IS115
RIP120
EGP140
ODR160
External EIGRP170
Internal BGP200
غير معروف*255
بعض هذه البروتوكولات أصبح طي النسيان و بعضها نادر الاستخدام لكن الاطلاع خير من عدمه
إذا تساوت قيمة الـ AD, فيتم الإعتماد حسب قيمة الـمقياس (metric)

الـ Floating Static Routes
#

هي مسارات ثابتة تُبرمج لتكون احتياطية، بحيث لا تُستخدم إلا إذا فشل المسار الرئيسي. يتم ذلك عبر إعطائها قيمة AD أعلى من قيمة البروتوكول الديناميكي المستخدم.

الفرق بين Distance Vector وLink State#

الخاصيةDistance VectorLink State
الرؤيةيعرف فقط ما يخبره به الجيرانيبني خريطة كاملة للشبكة
سرعة التكيّفبطيئة وقد تؤدي لمشاكل مثل count to infinityسريعة وأكثر استقراراً
الخوارزميةBellman-FordDijkstra SPF
الموارد المطلوبةقليلةمرتفعة (CPU و RAM)
أمثلةRIPOSPF, IS-IS

هنا نكون قد أنهينا درسنا الذي لا يصبو لأن يكون مجرد مقدمة لقسم صغير من الشبكات، وبنفس الوقت لأهم ما في الشبكات غطينا العديد من المواضيع التي قد تكون مربكة لمن يطلع عليها أول مرة، لذلك أعددت عدة مصادر دراسية إضافية، بالتوفيق…

ملفات إضافية للتحميل
#

ملف أسئلة (anki) للمراجعة يحتوي على 20 سؤالا لترسيخ ما قرأته

📄 نزل ملف الأسئلة

مختبر لتطبيق ما تعلمته عمليا، فلا شيء يثبت المعلومة أكثر من التطبيق وهو أكثر ما يحتاجه مهندس الشبكات

🖥️ نزل مختبر Packet Tracer
مدخل إلى التوجيه - هذا المقال جزء من سلسلة.
جزء 1: هذه المقالة